عباس شومان: أنصبة المواريث إلزامية ومن خالفها ضال ومضل للناس
- الأربعاء 30 أبريل 2025
تعبيرية
توضح آية "لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ" (الشورى: 49) مشيئة الله المطلقة في خلق البشر، حيث تتجلى حكمته في منح الإناث أو الذكور أو كليهما، كما أنه سبحانه يجعل من يشاء عقيماً. ومن خلال التأمل في هذه الآية، تبرز تساؤلات حول وجود نوع من البشر لا يُصنف كذكر أو أنثى، وهو ما يُعرف بـ"الجنس الثالث"، فهل جاء ذكره في القرآن الكريم؟
ووفقًا لما ذكره الباحث في الإعجاز العلمي، سمير بوراس، فإن العرب كانوا على علم بوجود هذا الجنس، ولكن لم يرد ذكره في الآية بشكل صريح، بل يُفهم ضمن "يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ"، مما يدل على أن مشيئة الله في الخلق تشمل كل التنوعات البشرية.
ناقش علماء التفسير سر تقديم الإناث على الذكور في الآية، حيث أوضح السامرائي أن التقديم جاء لإبراز تكريم المرأة، بينما يرى القرطبي وأبو عبيدة ومجاهد والضحاك أن الإناث قُدمن لأنهن يُوهبن عادةً دون رغبة بعض الناس، في حين يُعطى الذكور تعظيمًا بمجيئهم معرفين بـ"أل التعريف". أما ابن عاشور، فذهب إلى أن تعريف الذكور في الآية ليس دليلاً على أفضلية، وإنما لكونهم الصنف المعهود في المخاطبة.
من بين المفسرين، انفرد القرطبي بذكر الخنثى، مشيرًا إلى أن خلق البشر كان في الأصل مكونًا من الذكر والأنثى حتى ظهر الخنثى في الجاهلية. وأكد القاضي أبو بكر بن العربي أن وجود الخنثى لا ينافي ظاهر القرآن، إذ أن "يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ" تشمل جميع الحالات، والقرآن يتحدث عن الغالب من المخلوقات، بينما تبقى الحالات النادرة داخلة ضمن عموم قدرة الله تعالى.
وفيما يخص الفقه الإسلامي، جاء في سنن البيهقي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قضى في مسألة الخنثى بناءً على مجرى البول، فإن بال من مجرى الذكر فهو غلام، وإن بال من مجرى الفرج فهو جارية.
تؤكد الآية القرآنية أن خلق الله واسعٌ لا يحده تصنيف بشري، وأن وجود "الجنس الثالث" هو جزء من مشيئته وحكمته. وعلى الرغم من أن النصوص الشرعية لم تتناول هذا الموضوع بشكل مباشر، إلا أن العلماء استنبطوا أحكامًا فقهية تتعلق به، مما يعكس سعة التشريع الإسلامي وقدرته على استيعاب مختلف الظواهر البشرية.