البحوث الإسلامية: نواجه الإلحاد والانحلال الفكري عبر الخطاب الرصين

  • أحمد حمدي
  • الأربعاء 07 مايو 2025, 12:07 مساءً
  • 19
أ.د. محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية

أ.د. محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية

قال فضيلة أ.د. محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية: إنَّ أخطر ما يواجه الأمَّة في حاضرها ومستقبلها هو الانحراف الفكري، بكل أطيافه وألوانه، موضحًا أن هذا الانحراف هو البوابة التي تُفضي إلى تفكيك المجتمعات وتمزيق أوصالها، ويبدأ عادةً من وعيٍ غير منضبط، يتحوَّل سريعًا إلى أرض خصبة لنمو الإرهاب والتطرف.


وأضاف د. الجندي -خلال كلمته صباح اليوم بالندوة الخامسة في الأسبوع الدعوي السابع، الذي تُنظِّمه اللجنة العُليا للدعوة بجامعة الإسكندرية- أنَّ الأزهر الشريف، بقيادة فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب، يمثِّل في منهجه وفكره المعتدل بوصلةً راسخةً لتحقيق الأمن الفكري، باعتباره الحصن الأوثق لحماية الأوطان والعقول من الانزلاق في دوائر التشدُّد والانفلات الفكري، مشيرًا إلى أنَّ بناء الوعي لا يتحقَّق إلا من خلال شراكة تكامليَّة بين الأسرة والمدرسة والمسجد والإعلام والصُّحبة الآمنة.


وأوضح الأمين العام أن ما يُعرف بـ)تشنُّج الوعي الفكري( إنما هو نتيجة مباشرة لترنُّح العقل بين مغذيات معرفية ملوثة تُضَخُّ عبر قنوات تقنية مجهولة، وبتوقيع أقلام مغرضة، تستهدف زعزعة الثوابت، وخلخلة القِيَم، وجرَّ الإنسان نحو دوائر الشك والتشويه، لافتًا إلى أنَّ ضبط هذه المسارات لا يكون إلا من خلال توجيه واعٍ للمنصَّات الرَّقْميَّة لبناء وعي شبابي آمن، يصدِّر خطابًا رصينًا في مواجهة الأفكار الظلاميَّة التي تستغل الإسلام لترويج التطرُّف، والإلحاد، وانحلال الأخلاق، وانهيار الهُويَّة.


وأكَّد فضيلته أنَّ الأمن الفكري ليس خيارًا هامشيًّا؛ بل ركيزة استراتيجية من ركائز الأمن المجتمعي، فهو السور الذي يحتمي به أبناء الأمَّة حين تتكاثر التهديدات، وتتفاقم التحديات، وأنَّ بناء الأوطان مرهون ببناء الوعي، فمِن دون وعي سليم لا يمكن للمجتمعات أن تُبنَى، ولا للأمن أن يتحقَّق، ولا للتنمية أن تُثمر. 



وتابع أنَّ الأزهر الشريف قد اضطلع بدَور كبير في ضبط الوعي الفكري؛ من خلال تقديم خطاب عقلاني برهاني لا يقوم على العشوائية؛ بل على الأدلَّة العقلية والنقلية، مع استحضار تجارِب الأمم التي انقلبت على الفطرة، كما في قصَّة قوم لوط؛ إذْ شكَّل التمرُّد على التكوين الإنساني سببًا للعقاب الإلهي، مبيِّنًا أنَّ حماية الإنسان مقصدٌ أساسٌ مِن مقاصد الشرع.


وأردف أنَّ  دلالات عبارة (وعي فكري آمن) تنبثق من مكونات تنعكس عنها نتائج؛ هي: المكون الأول (العقدي الإيماني)، ونتيجته ضبط التفكير في مسار العقيدة وتنزيه الله تعالى ورسله وكتبه وجميع ما أمرنا بالإيمان به، وبعيدًا عن هذا يتجه الوعي إلى (إرهاب الإلحاد) وفقدان الوعي للضابط المقدَّس، والمكون الثاني (الروحي والأخلاقي)، الذي يُعد صمام الأمان في وجه موجات الشذوذ والانحلال، مشيرًا إلى أن الأزهر قد أولى هذا الجانب اهتمامًا بالغًا في منهجه التربوي والسلوكي، متخذًا من تراث كبار العلماء أمثال الغزالي، والجنيد، وابن عطاء الله السكندري، وغيرهم، منارات في هذا الطريق، والمكون الثالث (العقلي والمعرفي)، الذي يُشكِّل الدرع الواقية من التطرُّف والانحراف عن مقاصد الشريعة، موضحًا أن علماء الأزهر منذ القدم، وعلى رأسهم الأشاعرة، أَوْلَوا العقل مكانته الحقيقية كأداة لفهم النقل، والتمييز بين الحق والباطل.


وشدد الأمين العام في ختام كلمته على أنَّ حماية الوعي مِنَ التردِّي والهذيان لا تتمُّ إلا ببناء الإنسان، وأنَّ بناء الإنسان هو الضامن الحقيقي لحماية الأوطان، لا سيَّما في ظلِّ ما تشهده المنطقة من اضطرابات، مؤكِّدًا أن ما نحتاجه اليوم هو أجيال جديدة تجمع بين العقيدة والعمل، وبين الأخلاق والعِلم، وبين الأصالة والابتكار، وتجسِّد روح علماء الأمَّة، وأنَّ الأزهر الشريف، بتوجيهات فضيلة الإمام الأكبر، ماضٍ في دَوره العالمي لتعزيز الأمن الفكري، وتحقيق مقاصد التشريع، والعمل على نَشْر ثقافة التعايش والتسامح؛ في سبيل عالَم أكثر أمانًا واستقرارًا.

تعليقات