دار المعالي تُصدر كتاب "إعادة تشغيل" لـ أحمد السوهاجي
- الجمعة 30 مايو 2025
• مجموع الثانوية وإن كان مقياسا لتفوق الطالب في الثانوية لكنه ليس مقياسا – في الغالب – للتفوق أو عدمه مستقبلا في الحياة العلمية والعملية؛ لأن الطالب يدرس في هذه الثانوية عددا من التخصصات المختلفة التي يعتمد كثير منها على حفظ القواعد والنظريات دون ممارسة أو تطبيق في الحياة العملية، كما أن هذه المرحلة مشوبة بشيء من خداع الدرجات بسبب الغش في الامتحانات أو نحو ذلك.
• لا قيمة في الحقيقة لتقسيم التخصصات والكليات إلى كليات قمة وكليات دون ذلك، فهذا تقسيم جائر جعل الكليات والتخصصات التي تعنى بتدريس المواد العلمية (كالطب والصيدلة والهندسة واللغات ونحوها) قمة الكليات والتخصصات، بينما صارت الكليات التي تعنى بتدريس العلوم العربية والدينية كليات لا ترقى لمثل هذا التصنيف الذي نالته الكليات العلمية.
وإذا كانت مؤسساتنا التعليمية لا تعتمد في توزيع طلابها على التخصصات بحسب رغبتهم وتميزهم في هذا الفن، فإنه ينبغي على الطالب الذكي أن يُعْمِل هذا المعيار في اختياراته بين التخصصات ، فلا يختار تخصصا لا يجيده أو لا يحبه ولا يرغب فيه؛ لأنه لن يجد لنفسه مكانا فيه، ولن يقدم من خلاله نفعا بشيء ولو نال فيه أعلى المناصب أو تقلد أعلى الرتب.
الرؤية الثانية: إن لم تدرك ما تحب فأحبب ما أدركت.
توجيه لأصحاب الخيارات المحدودة بين الكليات والتخصصات العلمية
الإنسان عدو ما يجهل، عبارة تعد من العبارات التي تحمل معاني يغفل عنها كثير من طلاب العلم، فذلك العداء الذي يحمله الطالب لعلم من العلوم النافعة إنما هو متولد من الجهل بها، فلو جاهد الطالب في مذاكرة أصول هذا العلم والتعرف على دقائقه وأسراره قد يُحْدِث ذلك في نفسه ميولا إلى هذا الفن وحبا لهذا العلم.
ولكم نرى في حياتنا العلمية من الأمثلة الواقعية التي تجلي هذا وتؤكده، ولعل أقرب مثال يمكن الاستدلال به في هذا المقام هو حال الطالب مع المادة الواحدة، فتراه مرة يبغضها وينفر منها، وتراه مرة أخرى يحبها ويقبل على دراستها، وما ذلك إلا لأن معلمه في المرة الأولى لم يستطع فعل ما يُرَغِّب الطالب فيها، بينما استطاع غيره فعل ذلك.
الشاهد من هذا أن الطالب قد يجعل بينه وبين تخصصٍ ما حاجزا نفسيا يجعله ينفر من دراستها، وما ذلك إلا بسبب جهله بها، وقد يكون هذا التخصص هو الخيار الوحيد أو أفضل الخيارات له بين التخصصات والكليات، فماذا يفعل عندئذ؟
إن الحل في ذلك أن يكسر الطالب هذه الحواجز النفسية التي جعلها بينه وبين هذا العلم وذلك التخصص ، وذلك بالإقبال على دراسة أصوله والتعرف على دقائقه ومسائله بتمهل وتروٍ على يد من يرى فيهم حب هذا العلم والتمكن منه، مع القراءة عن فضائل دراسته والبحث فيه والفوائد التي تعود على دارسه، خاصة إذا كان من العلوم الشرعية أو العلوم الموصلة إلى فهم الشريعة، أو حتى من العلوم التي تعود بالنفع على الناس في دنياهم.
وفي الختام أنصحك أيها الطالب المقبل على الجامعة أن تجعل هدفَك من طلب العلم في أي تخصص أحببت خدمةَ دينك وأمتك والناس أجمعين بما ينفع ويرفع شأن العباد والبلاد.
والله ولي التوفيق.